التفوق نظرة تاريخية
يرى (جريندر1985) أن من المسلم به أن تعريف التفوق يتأثر بالمرحلة التاريخية وطبيعة التفكير السائد فيها ، وقد اعتبرت الموهبة في العصور الوسطى نزعة شيطانية ،لذلك تم التعامل مع الموهوبين بنفس الطريقة التي كان يُعامل بها السحرة .
وفي بداية عصر النهضة اعترت الموهبة شكلاً من أشكال الأمراض العصبية. وفي القرن التاسع عشر وهي الفترة التي سادت فيها أفكار(داروين وتوماس ه**ليو هربرت سبنسر) ساهمت هذه الأفكار في تقديم منظور جديد للطبيعة البشرية واعتبرت الموهبة جزءاً من عملية الانتقاء الطبيعي.
وبالرغم من أن اهتمام المجتمعات المختلفة بالمتفوقين أو الموهوبين من الأفراد يُعتبر أمراً قديماً،بل قد يرجع إلى تاريخ تكوين أول مجتمع من البشر،إلا أن الدراسة العلمية المنظمة في هذا المجال ترجع إلى السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر ، حيث شهدت هذه الفترة دراسات(فرانسيس جالتون1892) عن وراثة العبقرية ، تلك الدراسات التي اهتم فيها(جالتون) بدراسة عدد من الأفراد الذين استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم شهرة واسعة ومركزاً مرموقاً في المجتمع البريطاني من العلماء،أو الفنانين، أو رجال القضاء،أو رجال السياسة.
وقد شهد مطلع القرن العشرين تزايداً في الاهتمام بذوي القدرات المرتفعة من الأفراد، ورغم اختلاف المصطلحات التي استخدمت لوصف هؤلاء الأفراد من بلد لآخر إلا أن كثيراً من المتخصصين في التربية وعلم النفس نبهوا إلى ضرورة إجراء البحوث والدراسات العلمية بهدف الوصول إلى أفضل الوسائل التي تساعد على اكتشافهم .
تعريف المتفوق
يقدم(عبد السلام عبد الغفار) تعريفه للتفوق العقلي واصفاً إياه بأنه تعريف عام وتبدو عليه البساطة، غير أنه شامل وقد صيغ هذا التعريف على النحو التالي:
( المتفوق عقلياً هو من وصل في أدائه إلى مستوى أعلى من مستوى العاديين في مجال من المجالات التي تعبر عن المستوى العقلي والوظيفي للفرد بشرط أن يكون ذلك المجال موضع تقدير الجماعة(سليمان، أحمد، ص 9-13).
أنماط التفوق العقلي
1ـ ذوي القدرة على الاستظهار .
2 ـ ذوي القدرة على الفهم .
3 ـ ذوي القدرة على حل المشكلات .
4 ـ ذوي القدرة على الإبداع .
5ـ ذوي المهارات .
6ـ ذوي القدرة على القيادة الجماعية .
مستويات المتفوقين عقلياً :
1 ـ فئة الممتازين : وهم الذين تتراوح نسبة ذكائهم بين ( 120 أو 125 ) إلى ( 135 أو 140 ) إذا طبق عليهم اختبار ستانفورد بينيه .
2 ـ فئة المتفوقين : وهم من تتراوح نسبة ذكائهم بين ( 135 أو 140 ) ـ 170 على نفس المقياس السابق .
3ـ فئة المتفوقين جداً ( العباقرة ) : وهم الذين تبلغ نسبة ذكائهم 170 فما فوق .
أشكال التفوق
1 ـ التفوق في مجال الذكاء العام .
2 ـ التفوق في مجال الرياضيات .
3 ـ التفوق في مجال العلوم .
4 ـ التفوق في مجال الهندسة .
5ـ التفوق في مجال الفنون البصرية ( الرسم ، النحت ، الخزف ، الديكور ) .
6 ـ التفوق في مجال الموسيقى .
7 ـ التفوق في مجال اللغة .
8 ـ التفوق في مجال الدراما .
9ـ التفوق في مجال الرياضة .
10ـ التفوق في مجال القيادة .
11ـ التفوق في مجال الإبداع (pulpit.alwatanvoice.com) .
مشكلات المتفوقين عقلياً
أولاً- مشكلات أسرية
1-اللامبالاة الوالدية
ربما تكون هذه المشكلة من أخطر المشكلات التي يتعرض لها الطفل المتفوق عقلياً من حيث عدم اكتراث والديه أو اهتمامهما بمواهبه وقدراته العقلية والفنية وقد يصل هذا إلى خنق هذه المواهب والقدرات أوقتلها.
2-المبالغة في تقدير الطفل
وهذه المشكلة ع** المشكلة السابقة، حيث يسبب أولياء الأمور الذين يبالغون في وصف وتقدير تفوق أبنائهم مشكلات خطيرة على مستقبل تفوق هؤلاء الأبناء، وقد يرجع ذلك إلى إلحاحهم على دفع الطفل إلى المزيد من النتاج العقلي والفني المبهر ، وذلك عن طريق دفع الطفل إلى اختصار سنوات الدراسة ومن هنا يقع الطفل فريسة بريئة لطموح والديه اللذان يتعجلان في نموه.
3- السخرية من قدرات الطفل
قد لا يهتم الآباء بمواهب أبناءهم برغم حبهم العميق لهم.ولكن يعود ذلك إلى ضيق الأفق وقلة الخبرة بطبيعة الطفل المتفوق، إلا أن كثيراً من الآباء يقع خطأً في التندر بقدرات طفله والسخرية من اقباله على ممارسات خاصة وتفضيله لها عن اللعب مع أقرانه أو تفضيله للرسم على القيام بعمل مربح،وتعود خطورة هذه المشكلة إلى الأضرار النفسية العميقة التي تصيب الطفل المتفوق نتيجة ما يواجهه من احباط من تعامل والديه، حيث لا يدرك الكثير من الآباء من مختلف المستويات مدى الإثم الذي يرتكبونه في حقوق أطفالهم.
4- الاستغلال الوالدي لتفوق الأبناء
حيث يُعتبر الإبن في هذه الحالة وسيلة الوالدين لتحقيق ما لم يستطيعوا أن يحققوه لأنفسهم وهم في نفس عمر ابنهم في مختلف النواحي العلمية أو المهنية أو الاجتماعية أو الفكرية.
5- عدم الاهتمام بحاجات المتفوق الأساسية
حيث ينظر الآباء إلى ابنهم المتفوق نظرة غير حقيقية في ضوء ما يتمتع به هذا الابن من قدرات عقلية، وقد يرجع السبب وراء ذلك إلى انبهار الآباء بإمكانات هذا الابن العقلية، وهذا ما يجعلهم يركزون على اشباع الناحية العقلية عند هذا الطفل فقط متناسين أن هناك حاجات أساسية يحتاج إليها هذا الابن مثل سائر الأبناء مثل الحاجة إلى أن يعيشوا مرحلتهم العمرية كأطفال لا كرجال ناضجين، ومثل الحاجة إلى الرعاية والحب والتقدير.
ثانياً- مشكلات مدرسية
1-عدم التجاوب مع سرعة التعلم في المدرسة
من الطبيعي أن المفاهيم المدرسية قد وُضعت في ضوء مستوى وسرعة تعلم العاديين من هنا يعاني الطفل المتفوق من عدم التجاوب مع سرعة ومستوى التعليم الذي يقوم في المدرسة حيث لا يرقى هذا إلى مستواه العقلي أو سرعته في التعلم.
2- عدم تحقيق المدرسة لحاجات المتفوق
غالباً ما تفشل المدرسة في تحقيق حاجات وطموحات الطفل المتفوق التي تعتبر في الواقع أكبر من مستوى الدراسة التي تُقدم إليه، فكثيراً ما نرى الطفل المتفوق ينفر من الكتب المدرسية التي تُقدم إليه . ولا يطيق طريقة التدريس التي تعتمد على إبراز كافة الأشياء حتى يفهم الطفل العادي وهو ما لا يحتاج إليه المتفوق.
3- المدرسة مصدر تعاسة
يُعتبر المناخ المدرسي التقليدي والرتيب مصدر ملل للطفل المتفوق الذي يحتاج إلى التجديد سواءً في الكتب أو في طريقة التدريس معاً،مما يعمل على خنق مواهب الطفل المتفوق عقلياً حيث تقل حماسته ويصيبه الإحباط .
4- المدرسة تقضي على قدرات المتفوقين وتبدد حماسهم
رغم السهولة التي يتمكن بها المتفوق من تحصيل دروسه واستيعاب ما يقدم إليه. إلا أنه قلما ينال التقدير على ذلك حيث تتجاهل المدرسة في غمرة اهتماماتها بتقديم خدمة تعليمية عامة للجميع من العاديين، الاهتمام بالمتفوقين عقلياً من التلاميذ.
ثالثاً- مشكلات اجتماعية
1-صعوبة تكوين صداقات
غالباً ما يضيق زملاء المتفوق متوسطي الذكاء بتفوقه ونبوغه، ومن هنا يشعر الطفل المتفوق بالغربة عنهم .وقد يتصنع الغباء كي تتقبله الجماعة، وقد يهرب إلى عالمه الخاص فتظهر عليه أعراض الانطواء والانسحاب الاجتماعي .
2- مشكلة النبوغ اللغوي
حيث يترتب على التفوق العقلي حدوث تقدم في المستوى اللغوي نتيجة لقراءات الطفل المتنوعة ،ويقف النبوغ اللغوي حجر عثرة في سبيل التحدث بين المتفوق وزملائه العاديين.مما يشكل سبباً آخر لإنطواء الطفل المتفوق .
3- مشكلة تخطي سنوات الدراسة
يستطيع المتفوق تخطي سنة دراسية أو أكثر بناءً على ما يتمتع به من قدرات خاصة ومتميزة،ويترتب على هذا انتقال الطفل إلى سنة دراسية أعلى تناسبه عقلياً ولكن لا تناسب عمره زمنياً أو جسمياً أو انفعالياً، ويخلق هذا الوضع صعوبات في مرحلة المراهقة.
4- الشعور بالنقص
بالرغم من السواء النفسي الذي يتمتع به الطفل المتفوق عقلياً إلا أنه يشعر بالنقص عن العاديين، والسبب في ذلك شعوره بأنه مختلف عن الآخرين، نتيجة لما يتمتع به من قدرات عقلية خاصة ، وشعوره بالاختلاف يؤدي إلى شعوره بأنه أقل من الآخرين، وتُعتبر القدرة على التوافق مع هذه الفروق بينه وبين الآخرين إحدى المشكلات الشخصية الخطيرة التي يواجهها الطفل المتفوق عقلياً (سليمان ، أحمد ، 2001، ص253-257).
دور الإرشاد في التعرف على المتفوقين
اتفق علماء التربية أنه من الضروري أن يتم التعرف على المتفوقين في مرحلة مبكرة من العمر كلما أمكن ذلك لأن هذا يتيح ما يلي :
1-العناية به حتى يكتمل نضجه.
2-العمل على تحقيق التوافق الشخصي له سواء مع أقرانه أو والديه.
3-تغذيته بالمعلومات الإضافية التي من شأنها زيادة قدراته وامكاناته.
4-علاج ما يعترض المتفوقين من مشكلات ومواجهتها في بدايتها ومساعدتهم على الاستمرار في التفوق المشهود.
دور الإرشاد في رعاية المتفوقين
يهتم الإرشاد بصفة عامة برعاية الطلاب المتفوقين وتستهدف هذه الرعاية الاستفادة من القدرات المتاحة لأقصى قدر ممكن وتذليل الصعوبات التي تواجه هذه القدرات ويمكن أن نجمل دور الإرشاد في المحاور التالية :
المحور الأول: يهتم بالطالب ودراسته وبما يحقق له استفادة أكبر من قدراته وإمكاناته.
المحور الثاني : ويهتم بالمعلم الذي يقوم بالتدريس لهذا الطالب.
المحور الثالث : ويهتم بالأسرة التي ينتمي إليها هذا الطالب.
في نطاق المحور الأول : وهو الاهتمام بالطالب نرى أن الإرشاد بالمدرسة يمكن أن يقوم بالجهود التالية :
1-حصر الطلاب على مستوى الدراسة وعمل سجل بهم والتي تشمل على بيانات منهم شاملة درجة التفوق التي يتميزون بها.
2-توجيه برامج خاصة لهؤلاء الطلاب الفائقين تحقق لهم أكبر استفادة أكبر من طاقاتهم مثل إقامة الأندية العلمية وتوفير المراجع والمؤلفات العلمية وتقديم الحوافز المادية والمعنوية وعرض نتائجهم من وسائل الإعلام داخل المدرسة. وتنظيم محاضرات ومناظرات علمية لهؤلاء المتفوقين مع الاهتمام بأن تتخلل هذه المسابقات ما يمكن الطالب من الاطلاع وزيادة الثقافة والمعرفة.
3-الرعاية الفردية لهؤلاء الطلاب بالتعاون مع إدارة المدرسة وتوجيههم وارشادهم وتذليل الصعوبات والمشكلات التي تواجه هؤلاء الطلاب وتعوق نمو قدراتهم الخاصة مع توفير كافة السبل التي تحقق للطلاب المتفوقين الاستمرار في تفوقهم.
4-اجراء دراسة شاملة لهؤلاء المتفوقين بحيث يمكن معرفة أسس التفوق والعوامل المؤدية إليه وأساليب اكتشاف الطلاب المتفوقين بحيث يمكن استخلاص النتائج العامة من هذه البحوث وبما يمكن من نشرها على أوسع نطاق ويستفاد منها في دعم وتنمية التفوق الدراسي.
5-الاتصال الدائم بهؤلاء الطلاب من قبل الاختصاصين الاجتماعيين لمعرفة مشاكلهم والعمل على حلها ومواجهة ما يحتاجونه من رعاية خاصة ضماناً لاستمرار التفوق .
في اطار المحور الثاني: الخاص بالمعلمين والمدارس التي تحتضن مثل هؤلاء فإننا نرى أن الارشاد المدرسي يقوم بتنفيذ الآتي :
1-إعداد برنامج شامل حول التفوق والمتفوقين وأسس رعايتهم يهتم بالمقام الأول حول توجيه المعلمين الذين تتولى بصفة خاصة هذه الفئات حيث يزودون بالمعارف والمعلومات التي تثري تعاملهم مع الطلاب وتساعد على نموهم بدرجة أكبر بما يحقق أنسب الوسائل لرعاية هؤلاء الطلاب.
2-حصر كتب التفوق والعبقرية وأسس الرعاية واقتنائها لمكتبة المدرسة واطلاع هيئة التدريس عليها واجراء المسابقات بينهم شحذاً لهم ودعماً للتفوق.
3-توثيق الصلات بين المدرسين والطلاب المتفوقين وحل مشكلاتهم وذلك بتوجيه من الأخصائيين الاجتماعيين. إصدار النشرات والكتيبات التي تتناول هذا الموضوع ونشره على المدارس في أوسع نطاق بحيث يمكن الاستفادة بها في دعم رسالة النهوض بهؤلاء الطلاب ضماناً لتفوقهم.
في نطاق المحور الثالث : الخاص بأولياء الأمور بصفة عامة وأولياء أمور المتفوقين بصفة خاصة فإننا نرى أن توجه الخطة على النحو التالي :
1-اللقاءات المستمرة بين المرشدين والإدارة وأولياء الأمور.
2-إصدار نشرات وكتيبات تناسب أولياء الأمور بصفة عامة والمتفوقين بصفة خاصة بحيث تعمق مفهوم التفوق وأهمية رعاية الأسرة له.
3-إجراء البحوث والدراسات الاجتماعية لهؤلاء المتفوقين وأسرهم وبما يمكن استخلاص أسس التفوق ودور الأسرة فيه وبحيث تصبح هذه الدراسات أساساً في مجال الدعاية.
4-في مجال التوعية يجب التعاون مع أجهزة الاعلام ووضع الصورة الصحيحة للتفوق ونشرها بكافة الوسائل (
www.gcdkubbar.com).
الخاتمة
مما سبق يتتضح لنا أهمية الإرشاد في التعرف على المتفوقين ورعايتهم وتقديم كافة الخدمات لهم لكي يتمكنوا من التوافق مع المجتمع الأسري الخاص بهم، ومن ثم التوافق مع مجتمع المدرسة والحياة بصفة عامة، وإن هناك العديد من الكتب والمراجع والبحوث التي اهتمت بهذا الموضوع مما يتيح لأولياء الأمور الاطلاع على الخصائص التي تميز هذه الفئة للتعامل معها بالطريقة الأنسب.
مخطط البحث
التفوق نظرة تاريخية
تعريف المتفوق
مشكلات المتفوقين عقلياً
أ-مشكلات أسرية
ب-مشكلات مدرسية
ج-مشكلات اجتماعية
دور الإرشاد في التعرف على المتفوقين
دور الإرشاد في رعاية المتفوقين
الخاتمة
المراجع
المراجع
1-سليمان ،عبد الرحمن ،أحمد ،صفاء(2001) ،المتفوقون عقلياً،مكتبة زهراء الشرق،القاهرة.
2- الشهيل نجيبة(2004)، دور الإرشاد في التعرف على المتفوقين
www.gcdkubbar.com3- زياد مسعد(2007) ،الموهبة والموهوبون ، منبر دنيا الوطن.
www.pulpit.alwatanvoice.co:)
ارجو أن تنال مواضيعي إعجابكم وشكراً