امة الرحمن عضوة مميزة
عدد المساهمات : 164 نقاط : 347 تاريخ التسجيل : 21/06/2010
| موضوع: سلامة الصدر..بحسن الظن..! الجمعة يوليو 02, 2010 5:16 pm | |
|
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين ..أما بعد ..
آياتٌ وأحاديثٌ كثيرة ..جاءت من معيننا الصافي وزادنا النقي ..تحثنا على التحلي بمكارم الأخلاق وأحسنها ,لتكون لنا حلية في حياتنا الدنيا ,وأجرٌ وعلو منزلةٌ في الآخرة .. ومن هذه الأخلاق " سلامة الصدر وحسن الظن " .. فكم من آية تدعونا إليهما ,وترغبنا فيهما ..لما لهما من أثرًا حسن على العبد في دنياه وأخرته .
أن من أهم ما يوصلنا إلى سلامة الصدر ..هو : حسن الظن ..بالله ـ عز وجل ـ ..و بإخواننا المسلمين .. أن من يحسن الظن يرى العالم ومن حوله بعين يملئها التفاؤل والأمل ..ينام مرتاح البال..خالي النفس من العداوات والمشحانات .. ويستقيظ سعيدًا مسرور نحو يوم يملئه الحب والتفاؤل والنظرة الحانية لمن حوله ..بل ينشط لحسن العبادة لما وطن عليه نفسه من حسن الظن بالله .
كثير منا يعاني من قلبه ,وما يوغل في صدره ليس من أمراض عضوية بل من أمراض معنوية ..نظرة تشاؤمية ليومه وما ينتظره من أقدار ..شحناء وحسد نحو أخوانه المسلمين ..إشارات سلبية يوقف نفسه عندها يمنعها من التقدم والرفعة ..فيعيش في هم ونكد ..قد امتلء قلبه بأمور ما كانا ينبغي له أن يفتح لها الباب ويجعلها تتربع وتستحوذ على جميع قلبه ..
أن حبيبنا وقدوتنا ونبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جمع محاسن الأخلاق كلها فتمثل بها كما قال الله تعالى : ( وأنكِ لعلى خلق عظيم ) , حتى أصبح كأنه قرآنًا يمشي على الأرض ..قد كان يتمثل بحسن الظن ,فكان له نماذج تطبيقية في حياته, فأما حسن ظنه مع الله عز وجل :
"ما حدثنا به أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني سنان ابن أبي سنان الدؤلي وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبر: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة وعلق بها سيفه، ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: (إن هذا اختراط علي سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله ثلاثا). ولم يعاقبه وجلس.صحيح البخاري "..(*)
ففي هذا الحديث دلالة معنوية على حسن ظن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بربه ـ عز وجل ـ وحفظه ورعايته له من أن يصيبه أي مكروه , لأنه حفظ الله فحفظه ..
"وكما يقول سهل القطعي : " رأيت مالك ابن دينار ـ رحمه الله ـ في منامي فقلت يا أبا يحي ليت شعري , ماذا قدمت به على الله عز وجل ؟قال : قدمت بذنوب كثيرة , فمحاها عني حسن الظن بالله " ."(*)
أن حسن الظن بالله ـ عز وجل ـ هو أمرٌ في غاية الأهمية , فالعبد المسلم في هذه الحياة يكون بين عبادتي الخوف والرجاء ..حتى إذا حان أجله , وقرب رحيله ,غلب الرجاء على الخوف لما يدعوه حسن ظنه بالله عز وجل وهو قد أقبل عليه وودع حياته الدنيا , وليس هناك مجال للعمل أو للذكر أولزيادة الأعمال الصالحة كما كان في حياته .
وأما تطبيق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لحسن الظن مع أخوانه المسلمين : "ما جاء في حديث عتبان بن مالك ـ رضي الله عنه ـ في حديث طويل حتى قال " ...... فاستأذن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأذنت له فلم يجلس حتى قال أين تحب أن أصلي من بيتك فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه فقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكبر وصففنا وراءه فصلى ركعتين ثم سلم وسلمنا حين سلم فحبسته على خزير يصنع له فسمع أهل الدار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيتي فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت، فقال رجل منهم ما فعل مالك لا أراه، فقال رجل منهم ذاك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تقل ذاك ألا تراه قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله، فقال الله ورسوله أعلم ...الحديث " ..صحيح البخاري ."(*)
فنهى رسولنا الحبيب من أن يتهم أحد من المسلمين أخاه بسوء وخاصةً ما كان من الأعمال القلبية كقوله ( ذلك منافق ) ولا يحكم إلا بما ظهر له ونطقه بالشهادة وتوحيد الله عز وجل .. فكانت إشارة تربوية , وقدوة حية لتمثل بحسن الظن مع أخواننا المسلمين , ولا نتسرع بالحكم على أي شخص بمجرد قول أو عمل صدر منه .
يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} ]النور: 12
قال ابن السعدي في تفسير هذه الآية : " أي ظن المؤمنون بعضهم ببعض خيرا , وهو السلامة مما راموا به , وأن ما معهم من الإيمان المعلوم , يدفع ما قيل فيهم من الأفك الباطل , ( وقالوا )بسبب ذلك الظن ( سبحانك ) أي : تنزيها لك عن كل سوء وعن أن تبتلى أصفياءك بالأمور الشنيعة . (هذا أفك مبين ) أي كذب وبهت , من أعظم الأشياء , وأبينها . فهذا من الظن الواجب , حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن مثل هذا الكلام , وان يبرئه بلسانه , ويكذب القائل لذلك .
أن الحاصل بين المسلمين , بل بين أفراد الأسرة المسلمة الواحدة في عصرنا الحاضر , قلما نجد حسن الظن بين أفرادها على وجهها الصحيح , فأما أن تكون ثقة مفرطة عمياء , وأما أن يسودها كثير من الغل والشحناء والحسد والحقد , تغطي معاملتهم كثير من المجاملات ..وتغلي صدورهم بكثير من سوء الفهم والظن ..وما أن يخطئ و تزل القدم حتى تكشر الأنياب عما تخفيه القلوب ! مما يؤدي للخلاف والخصام والقطيعة بين الأرحام ..! ومبدأها قد كان قلبًا قد فُتح لنزغات الشياطين , مما لم يجعل لحسن الظن أي مجال ! فكل تصرف له ألف تأويل يؤل به مجانبًا لتأويل والظن الحسن!!
أن من أهم فوائد حسن الظن بالله وبأخواننا المسلمين ,والتي يعود أثرها وفائدتها على العبد المسلم وعلى مجتمعه هي :
"أنه من الطرق الموصلة إلى الجنة ,كما أنه دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام , ويولد الألفة والمحبة بين المسلمين , ويهيء المجتمع الصالح المتماسك ويحقق التعاون بين أفراده , كما أنه برهان على سلامة القلب وطهارة النفس , وعلامة على حسن الخاتمة , ولا يأتي إلا عن معرفة قدر الله ومدى مغفرته ورحمته , ويحافظ على أعراض المسلمين ."(*)
فكم من خير نحرم منه بهذه الثمرات إذا ابتعدنا عن حسن الظن بالله وبأخواننا المسلمين ؟! وكم من خير نحرم منه في عدم تحلينا بخلق من أخلاق رسولنا الحبيب ـ محمدًا صلى الله عليه وسلم ـ ؟!
أن للقرآن والسنة النبوية أهمية بالغة في جميع شؤون حياتنا , فهما منهج وشريعة ..يجب الاعتناء بهما وبتطبيقهما .. بنشر ثقافة التدبر والقراءة والتأمل فيهما ..بين الأفراد والأسر كلٌ في ميدان حياته ..في البيت والمدرسة , في الجامعة والمشفى , في المواقع والمنتديات ..بل حتى في جلسات السمر بين الأهل والأصدقاء ..نستقي ذلك من كتاب الله عز وجل ومن الكتب الصحيحة المعتمدة من أهل العلم والتي تتحدث عن أخلاق وسيرة سيد البشر ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنتمثل به ونكون من أتباعه حقا .
نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا وأهلينا ووالدينا ممن يتبع القول ويعمل أحسنه . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. والحمدلله رب العالمين .
------------------------------------ [size=16]الفقره التي أمامها (*) فمصدرها : موسوعة نضرة النعيم .[/size]
| |
|
اسلامي نبض حياتي عضوة فعالة
عدد المساهمات : 531 نقاط : 907 تاريخ التسجيل : 08/05/2010
| موضوع: رد: سلامة الصدر..بحسن الظن..! السبت يوليو 03, 2010 3:41 am | |
| | |
|